حنيني من بعد غربتي ,,
كنت ذلك الشاب المملوء بالحيويه والنشاط , المغمور بالسعادة ,المحب لهذه الحياه والطموح الى أبعد الحدود,,
ولكن طموحي هذا حملني الى مكان مجهول , مليء بالأفكار والأوهام واصبحت انسانا آخر , انسان كاره ومبغض ومتذمر من كل ما هو جميل من حولي ,
لم يعد يعنيني أحد .... ولم اكثرت لأي حدث من حولي . بل كنت دائما أفكر وأفكر , واقول لنفسي :
كيف يمكنني ان أحسن من وضعي المعيشي ؟؟! , كانت تلك الفكره التي تجول في خاطري الى ان جاء ذلك اليوم الذي كنت فيه شارد الذهن,
سارح في خيالي الواسع ....... لأسمع صوت في داخلي يقول : لما لا تسافر يا عاصي ؟؟!!!
فتعمل هناك بالخارج وتؤسس حياة جديده سعيده ....!!
عندها وبدون أي تفكير آخر أو حتى استشاره أحد من أهلي او أصدقائي, قررت قائلا امام الجميع من عائلتي : جهزت جواز سفري وأمتعتي فسفري اقترب ,
عندها نظرت الى الجميع من حولي فرأيت في عيونهم نظرات استغراب وتساؤلات وجهت لي قائله :
متى ؟؟ وأين ؟؟ وكيف؟؟! , عندها لم ابالي بتلك النظرات وواجهت كل التساؤلات بقولي :
ما بكم انه قراري ولن أتراجع عنه..!! عندها رأيت نظره في عيني أمي ,, نعم ,,
كانت نظره غريبه ,, لم أعرف أهي نظره حزن أم ألم أم حسره أم حتى وداع .....؟؟؟!!!
ما زلت أذكرها وكأنها الآن تتمثل امام عيني ,, ولكنني عندها واجهتها باللامبالاة ... كان قرارا صعبا , اعرف ذلك الآن وبعد فوات الأوان,...
المهم الآن هو أنني اتخذت ذلك القرار وذهبت مودعا لكل من حولي , تاركا ورائي ذكرياتي , وأيام طفولتي مع من أحب,...
سافرت أخيرا.. ووصلت الى ذلك البلد الأجنبي , تجولت في ارجاء تلك المدينه الضخمه ومع كل نسمه هواء استنشقها وكل منظر جميل تقع عيني عليه ,
أتلهف أكثر فأكثر لفكره الاستقرار, وتأسيس بيت لي هناك ....
من بعد تلك الجوله اصبحت ابحث عن عمل لي , فقدمت طلبي الوظيفي في احدى الشركات المتخصصه في الاعلام, هذا لأنني في الأصل خريج كليه الصحافه والاعلام,ولكني
وبكل أسف لم أحصل على تلك الوظيفه التي كانت بمثابة وظيفه الاحلام بالنسبه لي,
في البدايه اكتأبت قليلا,لكن بعدها لم أبالي وقلت في نفسي:
ليس كل ما يتمناه المرء يدركه..!!,ولم استسلم.. وواصلت البحث عن وظيفة..,وأخيرا وبعد جهد وتعب في البحث استلمت وظيفه في احدى البنوك, وواصلت العمل
بأقصى مجهود مع أقل قدر من الراحة, وذلك للحصول على الراتب المثالي, الذي بناء عليه ساحقق أحلامي التي جئت من أجلها...
وبالفعل حصلت على راتب مثالي لم اكن أحلم به. وتعرفت هناك على فتاة أجنبيه كانت موظفه في نفس البنك "الذي اعمل فيه" في المكتب المجاور
وأصبحنا نعمل معا وبعد فترة وجيزه قررت الزواج بها وعرضت عليها طلبي في الزواج بها,فوافقت من دون أن تكترث لإخبار عائلتها.. سررت ولم أبالي بأي من
العادات والتقاليد وقلت في نفسي:
أنا الآن في بلد جديدة مع حياة جديده وتقاليد جديدة...!!
بعدها تزوجت بها وأنجبت منها ثلاثه أطفال رائعين, سميتهم بأسماء أجنبيه ,وذلك لرغبتها,
ومع مرور بضع سنين واجهت زوجتي قائلا لها: كارولين ,لابد وأن تتركي العمل وتهتمي بشؤون الأطفال والمنزل...,
فأجابت بالرفض ومن هنا اندلعت المشاكل ,التي كانت معظمها حول ترك العمل واختلاف العادات والتقاليد"والتي انتبهت اليها بعد فوات الاوان"
ووجهات النظر المختلفة و.......
وأصبحنا عيش في بيت من الجحيم,لا تفاهم ولا حوار , وأصبحت أتغيب عن عملي شيئا فشيء, حتى فقدت وظيفتي....,
واستيقظت ذات صباح أبحتث عن زوجتي فلم أجدها ..!!, فقلت في نفسي:فعلتها كالعاده خرجت بدون إذن وتركت الاطفال..!
فذهبت متوجها الى غرفة أطفالي ,,ولكني لم أجدهم !!, ووجدت الخزانه مفرغه مفتوحه. فنظرت الى المكتب فإذا بورقة بيضاء صغيره مكتوب عليها:
آسفه لم نتفق مع بعضنا ..!! "هكذا بكل بسااطه"
عندها غضبت وأسرعت للبحث عن زوجتي وأطفالي , وأخبرت كل مراكز الشرطه .ولكن للأسف لم اجدهم..!!
فصعقت وانهرت وصرخت بأعلى صوت:
جاك , جون , ماريا . أطفالي الاعزاء يا أجمل ما لي من هذا الكون ,أين أنتم ؟؟!!
ولكن الصمت كان يخيم المكان.........
وأصبحت عجوزا وحيدا في بلد غريب.....
كنت جالسا أمام النافذه, أنظر الى الخارج و أتذكر أيام طفولتي وشبابي وكيف انني فقدت كل من حولي في بلدي الى الأبد..!!
وكيف خيم الظلام على أفكاري؟؟!!وجاء بي الى هنا , فقررت العودة الى وطني ,الذي احتواني بكل حب وحضن دافىء ولكنني هجرته بكل بساطه..!!
وعدت الى وطني كهلا بلا مال ولا ولد ..! يشدني الحنين وتغمرني الذكريات, وأستنشق عبق الماضي ..!!
ثم رغرغت عيناي بالدموع ....!! أتعرفون ماذا تذكرت ؟؟!!
تذكرت نظرة أمي ..نعم ,! إنها هي تلك النظرة والآن فقط عرفت ماذا كانت تعني ؟؟!!
مع خالص تحياتي وأمنياتي لكم بالتمتع بقرائتها :
زهرة البنفسج
بقلمي أستطيع أن أكون كل ما أريد ..!!