الفتــــــــــــــــــ لاينسي دماء رجاله ـــــــــــــــــــــــح
الفتــــــــــــــــــ لاينسي دماء رجاله ـــــــــــــــــــــــح
الذكرى الرابعة لرحيل قائد ثورة الشعب الحر
يـاســــــــــــــــــــــــ ابـوعمـار ـــــــــــــــــــــــــــــــــر
في زمن كثرت فيه القيادات والزعامات وكثر فيه القادة والزعماء ، إلا أن أحداً لم يتمتع بالرمزية التي تمتع بها الرئيس الراحل ياسر عرفات ، إن أبو عمار لم يكن مجرد رئيس دولة أو زعيم حركة تحرر فحسب بل كان أسطورة جمعت كل صفات الرمزية ، ولم تقتصر الرمزية على شخصه فحسب ، بل تجاوزت ذلك إلى كوفيته والتي انتقلت من كونها مجرد قطعة من قماش الى مرتبة الاختزال السياسي ابتداءً من وضعيتها على رأسه على شكل خارطة فلسطين وانتهت بكونها تصريحاً وطنياً متلازماً معه ، فيكفي ظهور الكوفية في أي مكان أو أي حدث ليدرك الجميع أن ذلك هو رمز القضية الفلسطينية ، إن الكوفية تذكير دائم للإعلام الدولي بأن هنالك قضية تماماً مثلما أن نيلسون مانديلا بقميصه المشجر الطويل رمزاً للكفاح ضد التمييز العنصري وجل ما يخشى منه أن تتراجع رمزية الكوفية واستجابة العالم لها بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات.
إن المرارة التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني كافة ليست ناتجة عن كونهم فقدوا زعيماً أو قائداً أو مؤسساً أو رمزاً وطنياً من رموز كفاحهم المرير والطويل مع قوى البغي والعدوان والاحتلال البغيض فكل يوم يرحل قادة وزعماء ولكن المرارة في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني ناتجة عن كونهم فقدوا أباً رحيماً عطوفاً ، يشد من أزرهم في المحن ، يضمد ويقبل جراحهم ويفرح لفرحهم ويهتم لحزنهم ، فقدوا أباً لم يألفوا غيره ، لقد كبرت وترعرعت أجيال على وجود ياسر عرفات بين ظهرانيهم ، لم يعايشوا أباً غيره ، لقد شعر العديد منهم باليتم عند وفاة أبو عمار ، لم يستشعروه عند وفاة آباءهم الحقيقيين ، إن أبو عمار بالنسبة للشعب الفلسطيني هو دلالة على الشعب وهو أبو الشعب ، إن الأمة التركية تطلق على مصطفى كمال لقب أتاتورك والتي تعني أبو الشعب التركي وياسر عرفات هو أبو الشعب الفلسطيني .
لقد شارك ياسر عرفات أبناء الشعب الفلسطيني أفراحهم فها هو يؤدي الدبكة الفلسطينية مع الفلسطينيين ، لأفراحهم بالعودة وإقامة السلطة الفلسطينية وتحرير غزة وأريحا عند دخوله أول مرة إلى غزة ، وها هو يحاصر مع الشعب الفلسطيني في المقاطعة في عرينه برام الله كما حوصر الشعب الفلسطيني وتقطعت الطرق أمامه وجرفت بيوته وهدمت على رؤوس ساكنيها وها هو عرينه يدك ليل نهار بالمدفعية الإسرائيلية وهو صامد وقد تهدم القسم الأكبر من عرينه وهو بداخله ولم يهتز ولم يطرف له جفن وعلى الرغم من سنوات العمر التي حملها ياسر عرفات على كاهليه إلا انه صمد وواجه وقاوم أكثر من الشباب بل كان هو باعث الروح المعنوية فيهم يتجدد الأمل كلما أطل ياسر برأسه ، ويتجدد عنفوان الثورة كلما تحدث ياسر بصوته ، وليس من المستغرب في شئ أن ترى دموع الرجال على شاشات التلفزة العالمية وهي تدمع لفراق أبو عمار فهو يستحق أن يبكيه شعبه الوفي هو يستحق أن تخلد ذكراه في كل منزل وكل شارع وكل مدرسة ، نعم لقد رحل أبو الشعب الفلسطيني ، نعم رحل أغلى الرجال .. نعم رحل أبو عمار .. ولكن أبو عمار رحل جسداً وبقى روحاً خالدة في الأجيال .. بقى أبو عمار فكراً ومذهباً وأسلوب نضال لن نحيد عنه .. نعم لقد تخرجنا من جامعة عميدها ياسر عرفات ونحن طلبته الأوفياء ، لقد تتلمذنا على يديه وعلى أيدي نخبة من صحبه الكرام في جامعته ، لقد تتلمذنا على يدي أبو إياد وأبو جهاد وأبو علي إياد صاحب الصرخة الأشهر في التاريخ المعاصر " نموت واقفين ولن نركع " ، كل هؤلاء كانوا أساتذة في جامعة عميدها عرفات وكنا نحن طلبة هذه الجامعة .
نعم لقد رحل عرفات ، نعم لقد رحل أبو عمار ، نعم رحل صاحب شعار ما يهزك ريح ، نعم لقد غيب الثرى الجبل ، رحل أبو عمار عن عمر يناهز الـ75 عاماً لم يكن خلالها عرفات شاب يهتم بدراسته ومستقبله وعمله ومستقبل أبناءه وأحفاده من بعده ، بل كان مهتما بدراسة كل الظروف التي أدت إلى حدوث نكبة فلسطين ومهتما بدراسة ظروف اللاجئين وتحويلهم من لاجئين إلى عائدين وفدائيين ومنتصرين ، لقد كان مهتماً بظروف معيشة أبناء شعبه في الوطن والشتات ، لقد كان أبو عمار مهتماً بمستقبل أبناء وأحفاد هذا الشعب المعطاء ، نعم كان الياسر يسهر لننام نحن واليوم نام هو لنسهر نحن…
عاش أبو عمار بطلاً ومات بطلاً رمزاً لكل من عشق الحرية والكفاح ضد الظلم ، نعم لقد رحل أبو عمار من ظلم الدنيا إلى عدل الآخرة.
ليرحمك الله يا أبو عمار .. ليرحمك الله يا فارس فلسطين .. ليرحمك الله يا جبل .. ليرحمك الله يا أبا الثورة وأبا الثوار..
ونحن على دربك سائرون
نم يا أبا عمار قرير العين فسوف نسهر نحن
نعم يا أبا عمار وأنت في قبرك جبلاً لا يهزك الريح
نعم يا ابا عمار عهدناك بطلا واخترناك رئيسا وبكيناك فقيدا وودعناك شهيدا وداعا ابا عمار